حكم محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بحجب موقع يوتيوب في مصر
" تقضى بإلزام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بحجب الروابط الإلكترونية المحملة على موقع يوتيوب التى تعرض الفيلم المسىء للرسول صل الله عليه وسلم "
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الثانيه
بالجلسة المنعقدة علنا في يوم الأحد الموافق 2021/1/24
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فتحي ابراهيم محمد توفيق.
نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / رأفت محمد عبد الحميد علي.
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد جلال زكي عبد الله.
نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / جورج فاروق سلامة.
مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / أحمد عبد النبي أحمد
أمين السر
أصدرت الحكم الأتي
في الدعوى رقم 60693 لسنة 66 ق
المقامة من /
محمد حامد سالم السيد
ضـــد
1- رئيس مجلس الوزراء (بصفته)
2- وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (بصفته)
3- رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات زبصفته)
4- مؤسسة حرية الفكر والتعبير (متدخل انضمامي)
5- رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (بصفته) (خصم مدخل)
الوقائع
أقام المدعي دعواه الماثلة بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 2012/9/18 وطلب في ختامها الحكم أولا: بقبول الدعوى شكلا ، ثانيا: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن حجب وحظر موقع اليوتيوب ( www.youtube.com ) بشبكة المعلومات الدولية الانترنت داخل مصر وما يترتب على ذلك من أثار أخصها حجب و حظر جميع المواقع والروابط الالكترونية على الانترنت التي تعرض مقاطع الفيلم المسئ للرسول ، وحجب جميع المواقع والروابط الالكترونية التي تعرض مقاطع فيديو مناهضة للإسلام على الانترنت وتنفيذ الحكم بمسودته ، ثالثا: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره کأن لم يكن ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وذكر المدعي شرحا لدعواه أن أعداء الإسلام قاموا بإنتاج وعرض مقاطع لفيلم يسئ للرسول الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وتجسيد شخصيته في مشاهد غير لائقة تتنافي ومقامه الكريم بغرض الإساءة للإسلام ولسيدنا محمد وللمسلمين في بقاع الأرض للسخرية والاستهزاء منه وتشويه صورته وزعزعة عقيدة المسلمين والنيل منها وأضاف أنه تم عرض هذه المقاطع على موقع اليوتيوب ( www.youtube.com ) بشبكة المعلومات الدولية الإنترنت وانتشر هذا الفيلم على روابط الكترونية عديدة نقلا عن هذا الموقع. واستطرد بأن هذا الفيلم ماهو إلا صهيونية وبمثابة إعلان حرب على الإسلام والمسلمين والاستهانة بالثوابت الإسلامية والتخطيط لإحداث فتنة طائفية داخل مصر ، وهو ما حدث من ردود أفعال مخيفة اجتاحت مصر و العالم الإسلامي عقب عرض مقاطع الفيلم تنديدا به و بالمقاطع المعروضة له على موقع اليوتيوب و أورد المدعي شرحا لدعواه أن إدارة موقع اليوتيوب لم تقم بحذف مقاطع الفيلم المسيء للرسول بل ويصر الموقع على عرض مقاطع هذا الفيلم بأسماء عديدة منها (براءة المسلمين - الفيلم المسيء للرسول) في تحدي سافر لمشاعر المسلمين ولإحداث مزيد من الفتن والاضطرابات و لعرضه للمشاهدة على أكبر عن ممكن مستهدفين ضعاف النفوس خاصة الأطفال حتى يترسخ في وجدانهم صورة الممثل الذي قام بتجسيد شخصية النبي صل الله عليه وسلم وأفعاله المشينة التي أداها بالفيلم لتشويش صورة النبي في أذهانهم ونفوسهم و تهتز عقيدتهم في محاولة مكشوفة ودنيئة من أعداء الإسلام تستهدف أجيال وأجيل قائمة ، مع العلم أن الموقع يقوم بحذف أي فيديو أو فيلم او مقطع يسئ لليهود . وطلب حجب وحظر موقع اليوتيوب حتى يتم إزالة جميع المحتويات والمقاطع للفيلم
المذكور وأي مقاطع فيديو أو أفلام مناهضة للإسلام و الرسول الكريم لأنه يستحيل الحج الجزئي للمقاطع على اليوتيوب لأن الموقع والتابعين له يقومون بنسخ الفيلم المسيئ تحت أكثر من عنوان مختلف داخل الموقع وبالتالي يستحيل حذف ومنع هذه المقاطع المسيئة للرسول صل الله عليه وسلم إلا بحجب موقع اليوتيوب كاملا لمنع نسخ هذه المقاطع ومنع التحايل بعرضها بمسميات و عناوين أخرى داخل الموقع المذكور . واختتم المدعي صحيفة دعواه بطلبته سالفة البيان
وتمت إحالة الدعوي من الدائرة الأولى بالمحكمة إلى الدائرة السابعة، حيث جرى تناول الشق العاجل من الدعوى وتحدد لنظره جلسة 2012/11/10 وفيها قدم المدعي حافظة مستندات طويت على فرص مشمع ( سي دي ) يتضمن المقاطع الموجودة على موقع اليوتيوب المسيئة للرسول الكريمة باسماء عديدة منها (Muhamed movie Trailer - براءة المسلمين - الفيلم المسئ للرسول )، وطلب الحاضر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير التصريح له بالتدخل الانضمامي في الدعوى، وبجلسة 2013/1/12 قدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من كتاب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات موجهة إلى هيئة قضايا الدولة تطلب فيه إخراج وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الدعوى باعتبار أن الموضوع خاص بالجهاز التنفيذي لتنظيم الاتصالات وان رئیس هذا الجهاز هو الذي يتولى تمثيله أمام القضاء كما تم قدم مذكرة دفاع دفع فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما بصفتيهما الأول والثاني ، وقدم الحاضر عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات حافظة مستندات طويت على ما سطر بغلافها ، وقدم الحاضر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير إعلان بالتدخل طلب فيه رفض طلبات المدعي في الشقين العاجل والموضوعي.
وبجلسة 2031/12/9 حكمت المحكمة أولا بقبول تدخل مؤسسة حرية الفكر والتعبير انضماميا في الدعوى ، ثانيا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني، ثالثا: بقبول الدعوى شكلا ، وبوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن اتخاذ ما يلزم لغلق الموقع المشار إليه لمدة شهر ، وحجب وحظر جميع المواقع والروابط الالكترونية على الانترنت التي تعرض مقاطع الفيلم المسئ للرسول الكريم ا تحت مسميات مختلفة ، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في الموضوع .
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الدعوى ارتأت في ختامه الحكم برفض طلب الإلغاء مع إلزام المدعي مصروفاته .
وتبعا لذلك اعادت المحكمة ( الدائرة السابعة ) تداول نظر الدعوى على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 2019/12/7 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى الدائرة الأولى بهذه المحكمة للاختصاص ومن ثم أحيلت الدعوى للدائرة الأولى بالمحكمة ، وتداول نظرها بجلسات المرافعة على النحو الوارد بمحاضرها ، حيث قدم الحاضر عن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات حافظة مستندات طويت على ما سطر بغلافها ، ومذكرة دفاع انتهي في ختامها إلى طلب الحكم برفض الدعوى. وبجلسة 2020/2/15 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى الدائرة الثانية بهذه المحكمة للاختصاص و عليه وردت الدعوى إلى هذه الدائرة ، وتداول نظرها بجلسات المرافعة على النحو الوارد بمحاضرها وبجلسة 26/7/2020 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 202/9/20، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لنظرها بجلسة 2020/11/22 ليقوم المدعي باختصام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وليحدد الروابط الالكترونية التي تعرض الأفلام المراد حجبها على وجه الدقة ومن ثم أعادت المحكمة تداول نظر الدعوى على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، حيث مثل المدعي بشخصه وقدم مذكرة دفاع صمم في ختامها على ذات الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى ، كما قدم صحيفة معلنة اختصم بموجبها رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بصفته ، وبجلسة 2021/1/10 قررت المحكمة حجز الدعوى الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إنه من المستقر عليه في قضاء مجلس الدولة أن لمحكمة الموضوع تكييف الطلبات في الدعوى بما يتفق وواقع الدعوى وما يهدف إليه الخصوم و القانون الواجب التطبيق على النزاع
و حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن حقيقة ما يرمي إليه المدعي بشان موضوع دعواه الماثلة ، وفقا للتكييف القانوني السليم ، هو الحكم بإلغاء القرار السلبي للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بالامتناع عن حجب الروابط الالكترونية المحملة على الموقع الالكتروني يوتيوب ( www.youtube.com ) داخل مصر ، ويعرض عليها الفيلم المسئ للرسول تحت أي مسمى ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وحيث إنه عن موضوع الدعوى ، ولما كانت الفترة الأخيرة من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة ۱۹۷۲ تنص على أنه " ويعتبر في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين واللوائح "
وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى في تفسير النص المتقدم على أن القرار السلبي لا يصح القول بقيامه و إمكانية مخاصمته بدعوى الإلغاء طبقا للمادة (۱۰) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة ۱۹۷۲ إلا إذا ثبت أن جهة الإدارة فقد امتنعت عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخذه طبقا للقوانين واللوائح ، وذلك بان يكون صاحب الشأن قد توافر في شأنه الشروط والضوابط التي استلزمها القانون الذي أوجب توافرها على جهة الإدارة التدخل بقرار لأحداث الأثر الذي رتبه القانون ، فإذا لم يكن إصدار مثل هذا القرار واجبا عليها فان امتناعها عن إصداره لا يشكل قرارا سلبيا مما يقبل الطعن عليه بالإلغاء .
( يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم ۳5۸۷ لسنة 43 ق. ع - بجلسة 7/4/2001)
وحيث إنه لما كانت المادة (۷۰ ) من الدستور الحالي و الصادر في يناير ۲۰۱4، تنص على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي و المرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة ، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمي ..."
وتنص المادة ( ۷۱ ) من الدستور على أن "يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها. ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة ..."
و تنص المادة ( 43 ) من الدستور على أن "تلتزم الدولة بالاتفاقيات و العهود و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر ، و تصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة"
و تنص المادة (۲۱۱) من الدستور على أن "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية و الاستقلال الفني و المالي و الإداري ، و موازنتها مستقلة"
ويختص المجلس بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها.
ويكون المجلس مسئولا عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، و الحفاظ على استقلالها وحيادها و تعدديتها و تنوعها ، و منع الممارسات الاحتكارية ، و مراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية و الإعلامية، و وضع الضوابط و المعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة و وسائل الإعلام بأصول المهلة و أخلاقياتها ، و مقتضيات الأمن القومي ، و ذلك على الوجه المبين في القانون. ...."
و تنص المادة ( 19 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 1966/12/16، و الذي انضمت إليه مصر في 1967/8/4 ، وتم التصديق عليه بموجب القرار الجمهوري رقم 536 لسنة 1981، على أنه "۱- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة . 2- لكل إنسان حق في حرية التعبير ، و يشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات و الأفكار و تلقيها و نقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود ، سواء على شكل مكتوب او مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها. ۳- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة و على ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود و لكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وان تكون ضرورية : أ) الاحترام حقوق الآخرين أوسمتهم ، ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأداب العامة".
وتنص المادة (۲۰ ) من ذات العهد الدولي على أن " ۱- تحظر بالقانون أية دعاية للحرب
2- تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أوالعنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف "
ونفاذا لنص المادة ( ۲۱۱ ) من الدستور ، فقد أصدر المشرع القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱۸ بشان تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ونصت المادة الأولى من مواد إصداره على سريان " أحكامه على جميع الكيانات و المؤسسات و الوسائل الصحفية و الإعلامية و المواقع الإلكترونية " و أوجبت المادة الثانية من مواد إصداره على تلك الجهات القائمة في تاريخ العمل بأحكام القانون المرافق أن توفق أوضاعها طبقا لأحكامه ولائحته التنفيذية، وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بالأنحة التنفيذية "
ووردت المواد ( ۲ ) و ( ۳ ) و ( 68 ) من هذا القانون ذات مضمون نصوص المواد (۷۰ ) و ( ۷۱ ) و ( ۲۱۱ ) على الترتيب من الدستور.
و نصت المادة ( 4 ) من ذات القانون على أنه " يحظر على المؤسسة الصحفية و الوسيلة الإعلامية و الموقع الإلكتروني نشر أو بث أي مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور ، أو تدعو إلي مخالفة القانون ، أو تخالف الإلتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني ، أويخالف النظام العام أوالآداب العامة ، أويحض على التمييز أوالعنف أوالعنصرية أوالكراهية.
وللمجلس الأعلى ، للاعتبارات التي يقتضيها الأمن القومى ، أن يمنع مطبوعات أو صحفا أو مواد إعلامية أو اعلانية صدرت أو جری بثها من الخارج من الدخول إلى مصر أوالتداول أوالعرض
وعلى المجلس أن يمنع تداول المطبوعات أوالمواد الإباحية أوالتي تتعرض للأديان و المذاهب الدينية تعرضا من شانه تكدير السلم العام أو التي تحض على التمييز أوالعنف أوالعنصرية اوالكراهية.
ولكل ذى شأن الطعن في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري.
ونصت المادة ( 19 ) من ذات القانون على أنه "يحظر على الصحيفة أوالوسيلة الإعلامية أوالموقع الإلكتروني نشر أو بث أخبار كاذبة ، أو مايدعو أويحرض على مخالفة القانون أو إلي العنف أوالكراهية ، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين ، أويدعو إلى العنصرية أويتضمن طعنا في أعراض الأفراد ، أو سبا أوقذفا لهم ، أو أمتهانا للأديان السماوية أو للعقاد الدينية"
ومع عدم الإخلال بالمسئولية القانونية المترتبة على مخالفة أحكام هذه المادة ، يجب على المجلس اتحاد الإجراء المناسب حيال المخالفة"
ونصت المادة ( 58 ) من ذات القانون على أن "تتحمل الوسيلة الإعلامية و المواقع الإلكترونية المسئوليه القانونية عن أي خطا في ممارسة نشاطها ، و كذا عن مخالفة القيم أوالمعايير المهنية التي يضعها المجلس الأعلى"
ونصت المادة ( 59 ) من ذات القانون على أنه " لا يجوز إنشاء أوتشغيل أي وسيلة إعلامية ، أو موقع إلكتروني ، أو الإعلان عن ذلك ، قبل الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى ، ويحدد المجلس الأعلى شروط ومتطلبات الترخيص .
و في جميع الأحوال ، لايجوز البث أوإعادة البث من خارج المناطق الإعلامية المعتمدة من المجلس الأعلى ، واستثناء من ذلك يجوز البث من خارج هذه المناطق بشرط أن يكون للمكتب أو الشركة أستوديو تباشر منه أعمالها داخل الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى ، وأن يصدر للبث تصريح مسبق من المجلس الأعلى، محددا به وقت البيت ومكانه .
ونصت المادة ( ۷۰ ) من ذات القانون على أن يباشر المجلس اختصاصاته بما يحقق أهدافه على الوجه المبين في هذا القانون ، وله على الأخص ما يأتي
..........
٣- وضع و تطبيق الضوابط و المعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل و المؤسسات الإعلامية و الصحفية بأصول المهنية وأخلاقياتها .
......
5- تلقي و فحص شكاوي ذوي الشأن عما ينشر بالصحف أوبوسائل الإعلام و يكون منطويا على مساس بسمعة الأفراد أوتعرض لحياتهم الخاصة ، وله اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية في حال مخالفتها للقانون ، أولمواثيق الشرف، وله إحالة الصحفي أوالإعلامي إلى النقابية المعنية لمساءلته في حال توافر الدلائل الكافية على صحة ما جاء في الشكوى المقدمة ضده ...."
و نصت المادة ( ۷۱ ) من ذات القانون على أنه " للمجلس في سبيل تحقيق أهدافه أن يباشر جميع التصرفات و الأعمال وأن يتخذ القرارات اللازمة لذلك، وله على الأخص ما يأتي:
........
8- التعاون مع المنظمات والجهات الوطنية والإقليمية والأجنبية والدولية المعنية بأهداف واختصاصات المجلس ، و التعاون مع الأجهزة المناظرة في الدول الأخرى في المجالات المشتركة
ونصت المادة ( 91 ) من ذات القانون على أن " قرارات المجلس الأعلى ولوائحة واجبة النفاذ و ملزمة لكل من المؤسسات الصحفية و المؤسسات الصحفية القومية و المؤسسات الإعلامية و المؤسسات الإعلامية العامة والوسائل الإعلامية و الوسائل الإعلامية العامة والإلكترونية.
و لايترتب على الطعن على قراراته وقف تنفيذها إلا إذا أمر المجلس أو قضت المحكمة المختصة بذلك ....."
ونصت المادة (94) من ذات القانون على أن "يضع المجلس الأعلى لائحة بالجزاءات والتدابير الإدارية والمالية التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحفية و المؤسسات الصحفية القومية و المؤسسات الإعلامية و المؤسسات الإعلامية العامة حال مخالفة أحكام هذا القانون، وإجراءات التظلم منها .
وتعتبر هذه اللوائح جزء لا يتجزأ من التراخيص أو الموافقات الصادرة أو غيرها من التصرفات والإجراءات و الأعمال بين المجلس الأعلى وتلك الجهات.
ويجوز أن تتضمن اللائحة ما يأتي:
1- إلزام المؤسسة أو الوسيلة بإزالة أسباب المخالفة خلال مدة محددة أو إزالتها على نفقتها.
۲- توقيع الجزاءات المالية المنصوص عليها في حالة عدم الالتزام بشروط الترخيص.
٣- منع نشر أو بث المادة الإعلامية لفترة محددة أو بصفة دائمة.
وفي جميع الأحوال ، لايجوز توقيع أي من تلك الجزاءات أوالتدابير إلا في حالة انتهاك أي مؤسسة صحفية أوإعلامية للقواعد أوالمعايير المهنية أوالأعراف المكتوبة ( الأكواد ) ، و بعد إجراء الفحص اللازم من المجلس الأعلي ، ويكون توقيع الجزاء بقرار مسبب و لذوي الشأن الطعن علي هذة الجزاءات أوالتدابير أمام محكمة القضاء الإداري، و لايقبل الطعن إلا بعد تقديم
التظلم منه إلى المجلس الأعلى"
وحيث إن مفاد ماتقدم ، أنه رغبة من الشارع الدستورى في حماية حرية الصحافة و الإعلام و الحفاظ علي استقلالها و ضبط الأداء الإعلامي بما يحافظ على الأصول و الأخلاقيات المتعارف عليها و كذا مقتضيات الأمن القومى ، فقد أنشأ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وأولاء شخصية اعتباريه مستقله ، و اختصة بتنظيم شئون الإعلام المسموع والمرئي و الصحافة المطبوعة ، و وضع الضوابط و المعايير التي تضمن التزام الصحافة و وسائل الإعلام بأصول المهنة و أخلاقتها ، و مقتضيات الأمن القومى ، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون.
ونفاذا لذلك، قد صدر القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱۸ بشان تنظيم الصحافة والإعلام و المجلس الأعلى التنظيم الإعلام ، و وجه خطابه إلى الكيانات و المؤسسات و الوسائل الصحفية و الإعلامية و المواقع الإلكترونية و فرض أحكامه عليها ، و أوجب على القائم منها وقت البدء في سريانه توفيق أوضاعها وفقا لأحكامه ، وألزمها جميعا بالامتثال لما يصدره المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من قرارات. وحظر القانون مباشرة النشاط أي وسيلة إعلامية أو موقع الكتروني قبيل الحصول علي ترخيص بذلك من المجلس الأعلى الذي له تحديد شروط هذا الترخيص ومتطلباته كما حظر القانون بث أو إعادة بث المواد الإعلامية من غير المناطق المعتمدة من المجلس الأعلى ، إلا إذا كان للشركة المعنية أستوديو تباشر منه أعمالها داخل مدينة الإنتاج الإعلامي ، على أن يصدر عندئذ تصریح بالبث من المجلس الأعلى.
وردد القانون ذات مضمون الأحكام الدستورية الواردة بشأن حرية التعبير سالفة البيان، وحظر على المؤسسات الصحفية والوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية نشر أو بث ما يتعارض مع أحكام الدستور أو الى مخالفة القانون أو النظام العام أو ميثاق الشرف المهني او د على التمييز أو العنف أو العنصرية أوالكراهية او يتضمن طعنا في أعراض الأفراد ، أو سبا أو قذفا لهم ، أو امتهانا للأديان السماويه أو العقائد الدينيه و أود القانون على المجلس الأعلى منع تداول أو مرض أية مطبوعات أو مواد اعلامية صدرت أو جرى بثها من خارج البلاد ، و ذلك إذا كان من شانها الإخلال بمقتضيات الأمن القوء وكذا أوجب القانون على المجلس الأعلى منع تداول المطبوعات والمواد الإباحية أو تلك التي تتعره للأديان والمذاهب الدينية على من شأنه تكدير السلم العام ، أوتلك التي تحض على التمييز أوالعنف أوالعنصرية أو الكراهية.
كما القى القانون بالمسئولية على عاتق كل وسيلة إعلامية عن مخالفة القيم المجتمعيه ، أو المعايير المهنية التي يضعها المجلس الأعلى ، وقد عدد القانون الاختصاصات التي للمجلس الأعلى أن يتوسل إليها تحقيقا لأهدافه ، والتي منها وضع وتطبيق الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية باصول المهنة وأخلاقياتها، وكذا تلقي وفحص الشكاوى المتعلقة بما ينشر بالصحف أو بوسائل الإعلام و أوكل القانون إلى المجلس الأعلى حل تلك اتخذ ما يراه مناسبا من إجراءات تجاه الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية المخالفة وكذا أجاز القانون للمجلس الأعلى في سبيل تحقيق أهدافه أن يتعاون مع الجهات المناظرة له في الدول الأجنبية.
كما أناط القانون به وضع لائحة بالجزاءات والتدابير الإدارية والمالية التي يجوز توقيعها على المؤسسات الصحفية والمؤسسات الصحفية القومية والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الإعلامية العامة حال مخالفتها لأي من أحكامه أو انتهاكها للمعايير المهنية والأعراف المكتوبة وأعتبر القانون تلك اللائحة مكملة للتراخيص والموافقات الصادرة من المجلس الأعلى لتلك الجهات. وأورد القانون بعض الجزاءات التي يجوز أن تتضمنها تلك اللائحة ، والتي منها توقيع الجزاءات المالية المنصوص عليها حال عدم الإلتزام بشروط الترخيص ، ومنع نشر أو بث المادة الإعلامية لفترة محددة أو بصفة دائمة كما أوجب القانون أن يكون قرار الجزاء مسبية وبعد أن يجري المجلس فحصا وافيا للموضوع ، على أن يكون لذوي الشأن الطعن على قرارات الجزاء أوالتدابير المعنية أمام محكمة القضاء الإداري بعد التظلم منها.
وحيث إنه يبين من السرد المتقدم، أن الوسائل الإعلامية المخاطية باحكام القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱۸ بشان تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، والتي تسري عليها الجزاءات الصادرة من المجلس الأعلى وتلتزم بها، هي تلك الوسائل التي تباشر نشاطها داخل جمهورية مصر العربية ، والحاصلة على التراخيص اللازمة من المجلس الأعلى ، والتي تبث موادها الإعلامية من داخل المناطق المعتمدة منه أو بعد الحصول على تصريح مسبق منه بذلك. أما الوسائل الإعلامية الأجنبية ، والتي تبث موادها من خارج مصر ، فليس للمجلس الأعلى سلطان عليها ، و ليس من شان ما يصدر عن تلك الوسائل من مخالفات أن يستنهض سلطته في توقيع الجزاءات التي اناطه إياها القانون رقم ۱۸۰ لسنة ۲۰۱۸. فالمجلس الأعلى لم يرخص لها بالعمل ابتداء ، ومن ثم فلا سلطة له في معاقبتها حل حاد ما تبثه عن الإطار الإعلامي المصري السليم.
بيد أنه إذا كان من شان المواد الإعلامية التي تبث من الخارج الإخلال بمقتضيات الأمن القومي المصري ، فللمجلس الأعلى عندئذ أن يأمر بمنع تداولها أو عرضها داخل البلاد. وإذا كانت تلك المواد اباحية او تتعرض للأديان والمذاهب الدينية بما من شأنه تكدير السلم العام، أو تحض على التمييز أو العنف أو التصرية أو الكراهية، فقد أوجب المشرع على المجلس أن يأمر بمنع تداول أو عرض المادة المخالفة في مصر ، وجري بالبيان أن هذه السلطة ليست من قبيل الجزاء او العقوبة التي يتم توقيعها على الوسيلة الإعلامية الأجنبية المخالفة ، ولكنها أحدى تجليات الوظيفة الحمائية التي يضطلع بها المجلس الأعلى حفاظا على الأمن القومي للبلاد والآداب العامة والنظام العام وللمجلس في هذا الخصوص أيضا أن يتواصل مع الجهات النظيرة في الدولة التي يتم البث منها للعمل على تدارك أسباب المخالفة ، وذلك إعمالا للمكانة المخولة له بموجب نص المادة (۷۱ (۸) من قانون تنظيم الإعلام المذكور.
وحيث إنه من المعلوم بالضرورة أن حرية التعبير تنبع من فيض الكرامة الإنسانية التي أنعم بها المولى عز وجل على البشرية جمعاء ، وهي تعد أحد الأعمدة الرئيسية في بنيان الحقوق و الحريات الوارد بالنظام القانوني المصري ، بحسبانها الأصل الذي يتفرع عنه العديد من الحريات الأخرى الاجتماعية والثقافية والفكريه ، ومن ضمنها الحريات الإعلاميه ، وتعتبر حرية التعبير وبحق أحد أهم الوسائل الذي يتمكن من خلالها الفرد من والمشاركة بفاعلية في مجتمعه ، وهي بهذه المثابة ترتبط بعلاقة وثيقة بقيمة الانتماء والمفاهيم الخاصة بنمو المجتمعات وتقدمها. ولتلك الاعتبارات ، فقد كفلت الدساتير المصرية على تعاقبها حرية التعبير وأولتها مكانا عليا وأكدت على حمايتها ، وكان أخرها الدستور المعدل والصادر في يناير 2014، والتي خول كل مواطن مصري حقه في التعبير عن رأيه بمختلف الوسائل ، وكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي و المرئي و المسموع و الإلكتروني ، و حظر على نحو قاطع أن يفرض رقابة على الصحف و وسائل الإعلام المصريه ، أو أن تصادر أو يتم وقفها أو إغلاقها ، و استثنى من ذلك أحوال الحروب و التعبئة العامة ، على أن تكون الرقابة المفروضة عندند محدثة بشكل واضح وإمعانا من الشارع الدستوري في حماية الحقوق والحريات بصفة عامة، فقد ألزم الدولة بما تصدق عليه من اتفاقيات ومواثيق دولية متعلقة بحقوق الإنسان ، واسبغ عليها قوة القانون بعد أن يتم نشرها. وفي هذا السياق، كفل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية هو الأخر حرية التعبير، وحد تخومها وعرفها بأنها حق كل إنسان في أن يتلقی مختلف المعلومات والأفكار وأن يعبر بدوره عنها وينقلها إلى الأخرين بالوسيلة التي يرتئيها، سواء في ذلك أن تكون تلك الوسيلة مكتوبة أو مطبوعة أو أن تتخذ طابعا فنيا.
وفي ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بأن "حرية التعبير التي كفلها الدستور ، هي القاعدة في كل تنظيم ديمقراطي، لا يقوم إلا بها ، ولا يعدو الإخلال بها أن يكون إنكار الحقيقة أن حرية التعبير لا يجوز فصلها عن أدواتها، وأن وسائل مباشرتها يجب أن ترتبط بغاياتها ، فلا يعطل مضمونها أحد ، ولا يناقض الأغراض المقصودة من إرسائها ، ولعل أكثر ما يهدد حرية التعبير أن يكون الإيمان بها شكليا أو سلبيا ، بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولا بتبعاتها ، وألا يفرض أحد على غيره ممتا، ولو بقوة القانون"
(حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوي رقم 2 لسنة 16 فضائية دستورية، بجلسة 1996/2/3)
الا أنه برغم ما لحرية التعبير من مرتبة عليا في مدارج النظام العام المصرى ، فإنها ليس لها من ذاتها ما يعصمها من التقييد ، فهي ليست من الحريات المطلقه ، ذلك أن أثرها لا يقتصر علي صاحب الرأي وحده ، بل يتخطاه إلى غيره ، وقد يشمل المجتمع بأسره ، ومن ثم فإنه يجوز تقييدها درأ لبعض حقوق الآخرين ، أو حال وجود مصالح أخرى ترجحها. فحرية التعبير ليست القيمة الاجتماعية الوحيده ، وممارستها تقتضي التوفيق بينها و بين قيم أخرى لها وظائف اجتماعية لا تقل أهمية ، ومن ذلك القيم الدينيه التي يقتضي الحفاظ عليها و التعرض لثوابت الأديان او الاستهزاء بالأنبياء وعصمتهم وتصويرهم بأية صورة سلبية كانت ، فالدين ، وعلى وجه الخصوص في مجتمعاتنا الشرقية ، يعدو أحد أركان النظام العام ويمثل عنصرا بالغ الأهمية في تكوين وجدان الجماعة ، ولذلك فان العقل الجمعي لا يقبل أن يتم التعرض لثوابت الدين أو ازدراء رموزه ، ولا يجري أي من ذلك دون أن تكون له أضرارا اجتماعية جمة تفوق منافعه ، ومن ثم فإنه لا يجوز قانونا تبريره بداعي ممارسة حرية التعبير.
ولذلك فقد أجاز العهد الدولي للحقوق المدنية والساسية في مادته رقم (۱۹) سالفة البيان - تقييد حرية واشترط في تلك القيود أن تكون منصوص عليها قانونا، وأن تكون ضرورية لاحترام حقوق الآخرين سمعهم، أو لحماية الأمن القومي او النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. كما حظر العهد الدولي أية دعوة الى الكراهية القومية او العنصرية او الدينية من شأنها أن تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
كما قضت المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في ذات الخصوص في حكم حديث لها بأن الهجوم على الرسول الكريم محمد صل الله عليه وسلم لا يتمتع بالحماية القانونية المقررة لحرية التعبير وافادت المحكمة أن الهجوم على اتباع الديانات بموجب اقوال مبنية على حقائق غير صحيحة بشكل واضح غير جائز قانونا ، ولا يتماشى مع روح التسامح الواجب توافرها، وأن العبارات المسينة لقبي الإسلام تتخطى الحدود المسموح بها للحوار الموضوع وتمثل هجوما حادا عليه ، شقه الإخلال بيت السلام الديني في المجتمع وغرس بذور الديني فيه.
(انظر حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في القضية رقم38450 / 12 ، بجلسة 2018/10/25 الفقرتين 55 ،57، النص الاصلى ورد باللغة الإنجليزية والترجمة عمل المحكمة)
وحيث إنه على هدي ما سلف بيانه جميعه ، وإذ يطلب المدعي الحكم بإلغاء القرار السلبي للمجلس الأعلى التنظيم الإعلام بالامتناع عن حجب الروابط الالكترونية المحملة على الموقع الالكتروني "يوتيوب" ( www.youtube.com ) داخل مصر ، ويعرض عليها الفيلم المسئ للرسول تحت أي مسمى، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإذ طالعت المحكمة القرص المدمج المرفق بالأوراق والمعروض عليه الفيلم المذكور وتبين لها أن هذا الفيلم يجسد الرسول صل الله عليه وسلم في صورة سلبية لا سند لها من الواقع ولا تتفق ومقامه الكريم بل وتجافي الرسالة النبوية العظيمة التي حملها للبشرية جمعاء ، وهي رسالة سلام وتسامح ورحمة ، مصداقا لقول المولى عز وجل في محكم كتابة العزيز " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ولما كان عرض ذلك الفيلم في مصر من شانه الإخلال بمقتضيات النظام العام التي يحتل الدين منها مكانا عليا كما سبق وأوضحت المحكمة وإذ أولى القانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وفقا للسالف بيانه. سلطة حماتية ، وأوجب عليه بمقتضاها أن يمنع المواد التي تتعرض للأديان والمذاهب الدينية تعرضا من شأنه تهديد السلم العام ، من التداول داخل مصر ، حتى وإن كانت واردة من خارج البلاد ، فإنه حري بالمجلس الأعلى أن يباشر سلطته وكافة ما خوله القانون من مكنات في سبيل حجب جميع الروابط الالكترونية المحملة على الموقع الالكتروني "يوتيوب" ( www.youtube.com ) في نطاق الحدود المصرية ، ويعرض عليها الفيلم المسئ للرسول تحت أي مسمی وهو اذ لم يفعل فان قراره السلبي المطعون عليه قد صدر بالمخالفة للقانون ، خليقا والحال كذلك باللالغاء ، مع كافة ما يترتب علي ذلك من اثار ، وهو ما تقضي به المحكمة.
ولا محاجة فيما انتهت إليه المحكمة ، بان حجب الفيلم المذكور فيه انتهاك لحرية التعبير ، إذ أن الإساءة للرسل والأنبياء ليست من حرية التعبير في شيء ، كما سبق وأوضحت المحكمة ، ولا يجوز البتة أن تعلو مقتضيات ممارسة هذة الحرية علي ضرورات الحفاظ علي ثوابت الأديان وإجلال رموزها.
وحيث أن من يخسر الدعوي يلزم مصروفاتها عملا بحكم المادة ( 184 ) من قانون المرافعات ، فانه يتعين إلزام الجهة الإدارية مصروفات الشق الموضوعي من الدعوي ، وكذا مبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة عملا بحكم المادة ( 187 ) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة : بالغاء القرار السلبى المطعون عليه ، مع كافة ما يترتب عليه من اثار والزمت الجهة الإدارية المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
تعليقات
إرسال تعليق